24 تشرين
الاول 2007
حلقت بي طائرة الخطوط الجوية الايطالية
(الايطالياAlitalia).... من مطار مسقط الدولي في حوالي الثامنة مساءا... امامي رحلة ساعة
واحدة فقط الى دبي حيث سابيت الليلة في احد الفنادق ثم سأنطلق في فجر الغد الى
مدينة الجزائر عاصمة دولة الجزائر.... في مطار دبي وبعد اجراءات بسيطة وجدت سيارة
في انتظاري حيث ان رقودي في الفندق هو جزء من تذكرتي للجزائر...
كان الفندق ذو اربعة نجوم في وسط مدينة (دبي) اظن في منطقة (الديرة) .. تعجبت من الصخب في الفندق فقد كان هناك قاعتين (ديسكو) ...
احداها تطلق العنان للاغاني الغربية الصاخبة ... وقاعة الديسكو الاخرى كانت للاغاني الشرقية... صعدت الى غرفتي في الطابق الاول... فوجئت بوجود غرفة فندق في أخر الممر
بابها مفتوح على مصراعيه وهناك فتاة مستلقية على سرير واضح للعيان ملابسها وشكلها ان وضعها مشبوه... هذه اذا (دبي)... مدينة الحرية بلا حدود... لم ار مثل هذا المنظر حتى
في الدول الاوربية ... صارعت نفسي كي انام فصوت الديسكو الشرقي والغربي كان
صاخباُ....
في الخامسة والنصف صباحا كان التاكسي في
انتظاري وفي السادسة صباحا كنت عند بوابة الصعود للطائرة... فجأة حصل ما لم يكن في
الحسبان ... اخبرني المسؤول عن صعود الطائرة انني لايمكنني الصعود لان جوازي عراقي
وان الطائرة لاتذهب الى مدينة الجزائر مباشرة وانما هناك (ترانسيت) فترة توقف ساعة
واحدة في مطار (ميلانو) .. وهذا يتطلب تأشيرة مرور (شنكن) على جميع حاملي الجواز
العراقي.. حاولت ان احاجج وان استعطف بكوني ذاهب لحضور مؤتمر طبي ... لم يكن هناك
اي تجاوب سوى ان يقول لي انهم اذا سمحوا لي بالصعود فسوف يدفعون اكثر من مئة الف
دولار غرامة ... مالعمل اذا؟ اخبرني بانني انا الذي يجب ان اقرر العمل وانني
يمكنني ان استعيد ثمن بطاقتي عندما اعود الى مسقط... ذهبت الى الخطوط الجوية
القطرية ... للاسف الطائرة التي تذهب الى (الدوحة) ومنها الى الجزائر كانت قد غادرت قبل وقت قصير.. ولم يبق امامي الا شراء بطاقة
والذهاب الى الدوحة ثم المبيت ليلة واحدة هناك والانطلاق غدا الى الجزائر!! طبعا
سوف يفوتني حضور الحفل الافتتاحي للمؤتمر.. ولكن ماحيلة المضطر؟؟
ببطاقة (الفيزا كارد) اشتريت بطاقة الى
الجزائر من الخطوط القطرية وانتهى بي المطاف في فندق متواضع في منطقة (سوق الذهب)
في الدوحة بعد مرور ساعتين... حيث تجولت في الدوحة والتي لم ار فيها مكاناً يستحق
المشاهدة عدا شارع الكورنيش...
في فجر اليوم التالي كانت الطائرة القطرية
تنطلق بي مباشرة الى مدينة (الجزائر) العاصمة.... كنت استعيد ذكريات الماضي... في
عام 2004 كنت لا ازال في العراق قبل مغادرتي الى سلطنة عمان...التقيت في احد
المؤتمرات العالمية في براغ بالسيدة
رئيسة الجمعية الجزائرية للمفاصل ...كان
الموتمر للجمعية الاوربية للعظام والهشاشة
( ESCCIO) والذي كان اكثر المؤتمرات مللاَ
وضجراَ...!! كانت الدكتورة (عائشة العجوز) رئيسة الجمعية الجزائرية ..انسانة
رائعة.... كنت اعرفها سطحيا سابقا ولكن في هذه المرة كنا قد جلسنا عدة مرات على طاولة
واحدة لتناول الطعام في المطاعم التي دعينا اليها وعرفتها بشكل افضل.. اخبرتني ان
في النية عقد مؤتمر ل(دول البحر الابيض المتوسط) في مدينة الجزائر في عام
2007 وانها سوف تدعوني كضيف على المؤتمر وعلى نفقة المؤتمر تماماً... ثم افترقنا
.. وعدا بضع ايميلات تبادلتها معها نسيت الامر تماما ...حصلت الاحداث المؤلمة
والفتنة الطائفية في العراق... اضطرتني لمغادرة العراق والاستقرار في سلطنة عمان
للتدريس في (كلية عمان الطبية ).... ونسيت تماما امر الجزائر ورئيسة جمعيتها... ثم
وفجأة استلمت قبل بضع اشهر رسالة منها تطلب مني ارسال خلاصة المحاضرة التي انوي تقديمها... ارسلت لها خلاصتين
لبحثين وخلال اسابيع قليلة استلمت الموافقة على ادراج احداها كمحاضرة
في البرنامج العلمي للمؤتمر والثانية ك ملصق (بوستر).. كما تم ادراج اسمي
رئيساً لاحدى الجلسات المهمة في المؤتمر.. واوضح الايميل أن بامكاني شراء بطاقة
الطائرة والاحتفاظ بالايصال الذي سيقوم المؤتمر باعادة ثمنه لي ...
حطت الطائرة في مطار الجزائرالعاصمة.. لحسن حظي كان
لايزال هناك طاولة تحمل يافطة كبيرة مؤشر عليها (مؤتمر المفاصل لدول البحر الابيض
المتوسط) .. اقتربت من الطاولة وحييت
الرجل الواقف هناك وعرفته بنفسي ... رحب بي الرجل كثيرا وبحفاوة كبيرة وفورا قام
بتهيئة سيارة لي انطلقت بي الى فندق المؤتمر (فندق الاوراسيL'Aurassi)... تذكرت الحفاوة
الكبيرة التي تلقاني فيها السفير الجزائري في مسقط عندما طلبت منه تأشيرة
الجزائر... بالصدفة كان الرجل قد عمل سابقا في بغداد ولايزال طعم (السمك المسقوف)
في فمه .. طلب لي الرجل قهوة وجلسنا
نتحدث... وخلال ساعة واحدة حصلت على الفيزة واعفاء من اجور الفيزة التي اعتبرها
تكريما من السفارة لي...
فندق (الاوراسي) اذهلني بمجرد الوصول اليه...
فندق من خمسة نجوم على حدائق غناء مساحتها حوالي خمسة عشر الف متر مربع ... اربعة
عشر طابقا واكثر من اربعمائة وخمسين غرفة وواحد وثلاثين جناحا رئاسياً!!! يقع في
اعلى تل في مدينة الجزائر حيث يمكنك رؤية جميع المدينة اسفل منك والميناءان
المطلان على البحر المتوسط... الحدائق الغناء للفندق رائعة بشكل يعقد اللسان عن
وصفه...
وفي اليوم الاول لوصولي بدأ كرم الضيافة العربي الحقيقي منذ الفترة بعد
الظهر .. حيث بمجرد انتهاء الجلسات العلمية في الخامسة عصرا كانت الحافلة في
انتظارنا .. والتي انطلقت بنا في جولة استكشافية للمدينة التي لم اكن اعرف الكثير
عنها قبل وصولي ... كان دليلنا السياحي هو السيد (خيرالدين ) وهو زوج (عائشة
العجوز) رئيسة المؤتمر!! والتي سخرت زوجها واهلها في خدمة ضيوف المؤتمر والعمل على
راحتهم... وكان هذا ايضاً مثال أخر على كرم الضيافة العربية ...
مررنا بمبنى
شاهق اسطواني الشكل غريب المنظر ... اخبرنا (خيرالدين) انه كنيسة بناها
الفرنسيون على طريقة الفن الحديث ... ولا اظنهم كانوا موفقين في بنائها والذي لا
يعطي اي منظرا قدسياً بكونها كنيسة وانما شبهها احد الزملاء الجالسين جنبي في
الحافلة بأنها تشبه (مفاعل ذري)!!
مررنا ب(نصب الشهيد) والذي اقيم اكراماً
لشهداء حرب التحرير الجزائرية .. النصب متكون من سعفات ثلاث هائلة الحجم تلتقي في
اعلى البناء وتبتعد في قاعدته وهناك تماثيل لمقاتلين حرب التحرير... تحيط بالنصب
حدائق غناء جميلة ويبدو ان النصب والحدائق المحيطة به هي مكان التقاء العوائل
اثناء عطلة نهاية الاسبوع ... كما ان المنطقة المحيطة بنصب الشهيد تكثر بها مطاعم
الدرجة الاولى الراقية ... وقد تم جلبنا في احدى ولائم العشاء فيما بعد الى احدى
تلك المطاعم لتناول المأكولات البحرية ...
بعد نصب الشهيد توقفت الحافلة عند مبنى ضخم
من الطراز الاوربي ... كان ذلك مبنى دائرة البريد والاتصالات المركزية .. يحتل
موقعا مميزا في وسط المدينة.... واخبرنا (خيرالدين) ان المبنى كان هدفاً لاحدى
العمليات الارهابية والتي انطلقت في التسعينات وعصفت بجميع الجزائر بما سمي (الحرب
الاهلية الجزائرية) والتي راح ضحيتها الالوف من الابرياء.... وقصة الحرب الاهلية
الجزائرية بدأت في عام 1990 عندما فازت (الجبهة الاسلامية للانقاذ) وهي احدى
تشكيلات الاخوان المسلمين بفوز كاسح في الانتخابات البرلمانية ... ولكن وفوراً تم
الغاء نتائج الانتخابات وقام الجيش باعلان انقلاب على رئيس الجمهورية (الشاذلي بن جديد) وعلى
الاسلاميين واعلنت الاحكام العرفية بحجة ان الاخوان المسلمين غير ديمقراطيين ولا يؤمنون بها وبالتالي لايمكن السماح لهم باستلام الحكم! .. وتم الزج بقياداتهم في السجن حيث تم
ادخال الالوف من الاسلاميين في السجن يقدر عددهم باربعين الفاً بحيث ضاقت بهم
السجون واضطروا لانشاء معسكرات اعتقال ووضعهم فيها.. واعلن الحضر على الحزب الفائز بانتخابات
شرعية واعتباره حزبا ممنوعاُ.... وبالمقابل اعلنت الجبهة الاسلامية للانقاذ تشكيل جناح عسكري والبدء با(الجهاد ضد السلطة
الكافرة)... وبذلك بدأت سلسلة دامية من المواجهات بين تنظيمات اسلامية مسلحة من جهة وبين
الجيش والشرطة والتنظيمات العلمانية واللادينية راح ضحيتها الالوف من الناس... سميت
تلك الحرب ب(الحرب القذرة) والتي استعملت فيها ابشع المذابح وتم اتهام السلطة
بتنفيذ الكثير منها والقاء اللوم فيها على (الجهاديين).. راح ضحيتها العشرات من الفنانين
والصحفيين والاجانب وابناء البلد وحصدت ارواح تقدر بين ال40 الف وال200 مئتي الف
شخص... واستمرت لمدة احد عشر سنة لغاية 2002 كانت المذابح بابشع مايمكن وصفه ...
ابيدت قرى كاملة بذبح نسائها واطفالها وشيوخها بالسكاكين .. (كانت هناك اثباتات ان
البعض من تلك المجازر ارتكبت من قبل القوى الامنية نفسها والقيت تبعاتها على
الاسلاميين)... واستصرخ العالم كله ببشاعة
تلك الحرب التي كان الوصف دقيقا لها بكونها (الحرب القذرة) وانتهت تلك الحرب بفوز (العزيز بوتفليقة) بالانتخابات عام 1999 وهو من مناضلي حرب التحرير الجزائرية ويحظى
باحترام العديد من قطاعات الشعب وفورا اعلن العفو العام عن مرتكبي تلك الجرائم
وطلب منهم اعلان توبتهم ... وفعلا فقد تم توقف الاعمال الاجرامية بشكل كبير عدا
فئة صغيرة اعلنت ارتباطها بتنظيم القاعدة....
وصلنا الى تقاطع كبير وساحة كبيرة .. كانت
تلك هي ساحة (اودانAudin ) وقد عجبت كيف ان الجزائريون لايزالون محتفظون
بتسمية احدى ساحاتهم بشخص واضح من اسمه
انه فرنسي مستعمر؟؟ تبين لي (فيما بعد) ان (فرانسوا اودان ) (1932 – 1957 ) كان استاذا
للرياضيات في الجامعة وصحفيا وعضوا في الحزب الشيوعي الفرنسي .. كان هذا الشخص من اشهر
علماء واساتذة الرياضيات في الجامعة وكان من مؤيدي الثوار الجزائريين اثناء حرب
التحرير الجزائرية ... ازعجت كتاباته السلطات الفرنسية حيث اعتقلته وتعرض لابشع
انواع التعذيب على يد احد الجنرالات الفرنسيين (شاربونييCharbonier) والذي كان يلقب ب
(الطبيب) لكونه يستعمل المشارط الطبية في تقطيع اجزاء من اجساد المحتجزين وهم
احياء لاجبارهم على الاعتراف بما لديهم من معلومات ... ثم تم قتله بالتعذيب ولم
تسلم جثته الى زوجته لحد الان!!... ولم
يعترف احد اين اخفيت جثته... بقيت زوجته ومعها بناتها الثلاثة تناضل مع السلطات
الفرنسية لفتح تحقيقات في اختفاء زوجها ولم تحصل على اذان صاغية بل امعنت الحكومة
الفرنسية بالاذى فاصدرت في عام 1962 عفواً تاماً عن كل الجنرالات والعسكر الذين
قاموا بتعذيب ضحاياهم اثناء حرب التحرير الجزائرية باعتبار ان ذلك كان (شراً لابد
منه) في تلك الظروف... في عام 2009 تم تكريم ابنته (ميشيل اودان) لكونها احدى اشهر
علماء الرياضيات في فرنسا بوسام الشرف الفرنسي ولكنها رفضت استلام الوسام احتجاجاُ
على تجاهل السلطات الفرنسية الافصاح عن حقيقة اختفاء والدها.... خلد الجزائريون
هذا الشخص باطلاق اسمه على اهم الساحات في وسط مدينة الجزائر.. وقد اعجبني ذلك اذ ان الوفاء من سمات النبلاء.. واقل ما يمكن عمله لذلك الرجل الشهم هو الوفاء لذكراه.
ساحة (اودان) هذه تؤدي الى اهم الشوارع التجارية في وسط مدينة الجزائر .. واهمها شارع (ددوش مراد) والشارع جميل جدا وفيه ارقى المحلات والماركات الاوربية ويتبضع فيه علية القوم... وقد سمي الشارع تيمناُ بالبطل (ددوش مراد) الذي كان احد الثوار الجزائريين في بداية تشكيل (جبهة التحرير الجزائرية) وكان احد ستة مفاوضين بأسم الشعب الجزائري مع الحكومة الفرنسية وبعد فشل المفاوضات وعودة العمليات العسكرية استشهد في احدى المعارك ضد القوات الفرنسية ...
مررنا بالكثير من الاحياء الرائعة الجمال ...
فمدينة الجزائر كانت مدينة فرنسية يقطنها اغلبية من مهاجرين اوربيين ممن تم
تسميتهم ب(الاقدام السوداء ) وهم من نزحوا من فرنسا وايطاليا واسبانيا .. جميعهم
يدينون بالديانة الكاثوليكية... اضافة لسكانها الاصليين ومعظمهم من قبائل البربر, كما ان هناك جالية مسلمة ويهودية ممن نزحوا في
القرن السادس عشر من الاندلس هرباُ من محاكم التفتيش الاسبانية والتي كانت تحرقهم
احياء! فتجد فن العمارة الاوربية ممزوجاُ
بفن العمارة الاندلسي المتميز في الكثير من الابنية والاحياء في مدينة
الجزائر....وهذا ما يعطي المدينة جمالية خاصة وفريدة تميزها عن باقي المدن...
كذلك فأن مدينة الجزائر العاصمة كانت في
القرن السادس عشر مقر الاسطول البحري العثماني وقاعدة مهمة في الحروب البحرية التي
خاضتها الدولة العثماني ضد اوربا الغربية وتحالفاتها كان ذلك بفضل اميرال بحر اسمه
(خيرالدين بارباروس).. هذا الشخص (خضر بن يعقوب) كان اصلا من الجزر اليونانية .. ولد وشب في جوارالبحر وقضى حياته في السفن وفي الماء.. صار من اشجع القادة البحريين وكان يمتلك موهبة فذة في
قيادة المعارك البحرية ... اسمه اتى من لقب لقبه به الايطاليون ... في اللغة
الايطالية (باربا روساBarba Rosa)
والتي تعني اللحية الحمراء... واحتفظ هو باللقب لانه كان يرعب اعدائه ... فيكفي ان
تعرف اي قطعات حربية ان (ذو اللحية الحمراء... باربا روسا) هذا قادم حتى يدب الذعر
والخوف في نفوس اعداءه ... والفوز بالمعارك الحربية نصفه هو حرب نفسية كما شهد
بذلك التأريخ... كرم العثمانيون (بارباروس) والذي صار والياً على الجزائر للدولة العثمانية
وصار اسمه (خيرالدين بارباروس باشا) امير البحر...
(جميع الصور اعلاه لرسامين انكليز وفرنسيين وهولنديين تصور المعارك الحربية المريرة التي تم خوضها في البحر الابيض المتوسط ضد بارباروس)
قام (خيرالدين بارباروس) ببناء قلعتين احداها على جزيرة صغيرة
امام ساحل الجزائر والاخرى على قمة تل مرتفع مطل على المدينة كما قام ببناء
مينائين واسعين لاحتواء العدد الكبير من السفن الحربية التي كان يقودها وكذلك السفن التي غنمها في معاركه.. هذا الاسطول
ارعب العالم انذاك بقوته بحيث ان السفن التجارية الاسبانية والبريطانية كانت تدفع
الاتاوة الى الجزائر لكي تمر بسلام ... والشئ المثير ان (جورج واشنطن) اول رئيس
للولايات المتحدة الامريكية كان يدفع الاتاوة الى الجزائر كي تمر السفن التجارية
دون تعرض!! وكان ذلك قبل ان تفقد الولايات المتحدة الامريكية اعصابها وتعلن مرتين الحرب على الجزائر!...
(تعقيب .. الشارع المؤدي من حي بشكتاش في
اسطنبول متوجها نحو قصر يلدز ومستمرا بالصعود الى فندق (الرينسنس) .. اسم الشارع هو(شارع باربروس) .. وقد تسائلت في نفسي عدة مرات عن هذه التسمية ومن اين اتت .. الان انا
عرفت ان الشارع سمي على اسم الاميرال
البحري (خيرالدين باربروس) الذي حكم الجزائر تحت راية السلطان العثماني ودوخ العالم
كله بغاراته وغزواته ...) (بالامكان النظر الى المقال الطويل عن سيرة هذا الشخصر بقراءته على الويكيبيديا).. كذلك فقد كانت هناك حلقة شيقة على احدى الفضائيات في رمضان هذا العام تتحدث عنه على الرابط التالي حيث يمكن قص الرابط ولصقه على بحث كوكل:
http://goo.gl/OECTc4
http://goo.gl/OECTc4
ارتقت بنا الحافلة الى تلة مرتفعة كثيرا عن
مستوى البحر.. كانت تلك قلعة قديمة بناها (بارباروس) ..تم هدمها وبناء
كنيسة كبيرة رائعة الجمال اسمها (سيدة افريقياNotre Dame D'Afrique) مطلة في اعلى نقطة وعلى حافة المرتفع
..على الحي القديم في الجزائر (القصبة ) والميناء والبحر... دخلنا الكنيسة بهدوء
وكان هناك صلاة فيها ... فالجزائر لايزال تقطنها جالية مسيحية لابأس بعددها..
الكنيسة ذات الوان براقة جميلة من الداخل ... ربما فيها بعض الطابع العربي اضافة
الى الاوربي وفوق المذبح الرئسي للكنيسة هناك عبارات بخط كبير مزخرف وباللغة
الفرنسية فيها عبارات ترحيب بالمسلمين!!
نزلنا من التلة ودخلنا عائدين الى مناطق
المدينة القديمة ابتداءا بال(جامع الجديد) احد الابنية الجميلة في المدينة ...
من هناك انتقل بنا (خيرالدين) بالحافلة حيث
ترجلنا امام احد الجوامع المهمة في المدينة وهو جامع (كتشاوا) وهو جامع بناه
العثمانيون واستولى عليه الفرنسيون بعد
احتلالهم للجزائر عام (1830 ) وقاموا
باجراء بعض التغييرات الطفيفة عليه لتحويله الى كنيسة.. وبقي استعماله ككنيسة حتى
استقلال الجزائر عام ( 1962 ) حيث اعيد الى وضعه الاصلي كجامع للمسلمين .. و(جامع
كيتشاوه) هو الكنيسة الوحيدة في الجزائر التي تم تحويلها الى جامع بعد الاستقلال
وذلك لكونه كان جامعاً في الاصل .. وكان في مدينة الجزائر لوحدها اكثر من مئة جامع
عندما احتلها الفرنسيون قاموا بهدمها جميعا عدا اربعة جوامع فقط !!! اما بقية
الكنائس المنتشرة في مدن الجزائر فقد بقيت على حالها ولم تغير رغم عدم وجود
المصلين فيها ...
المنطقة التي تحيط بالجامع ... (كما في كل
المدن الاسلامية سواء تلك التي في الدول
العربية او في دول اسيا).. العديد من الاسواق التي تحيط بالجامع كالسوار
بالمعصم (وكذلك حول المراقد الدينية مثل
تلك التي في الكاظم والنجف الاشرف وكربلاء والسيدة زينب في سوريا وسيدنا الحسين
والسيدة زينب في القاهرة).... الاسواق المكتضة بالبضائع .. اسواق خاصة بالملابس
واخرى بالجلود واخرى بالعطاريات والتوابل واخرى بالفاكهة والخضار وكذلك الفنادق
والمطاعم الشعبية ....(في اليوم التالي لجولتنا هذه كان غدائي مع اخي وصديقي
الدكتور مصطفى العزي والاخ منير العميدي في احد المطاعم خلف جامع كتشاوة)...
سمح لنا (خيرالدين) بنصف ساعة فقط من التجوال
السريع في الحي القديم من الجزائر .. الحي الاسلامي او الذي يسمونه (القصبة ) وهو
حي مكتظ ذو ازقة ضيقة جدا احيانا لايسع الزقاق اكثر من شخصين يمشيان جنبا الى جنب
... وهو يمتد من خلف (جامع كتشاوة) في الوادي صعودا على سفح جبل شاهق.. احيانا
تكون الازقة عبارة عن سلالم لها بداية وليس لها نهاية ...تمر بتعرجات كثيرة
عشوائية وتفرعات كثيرة من ازقة اخرى .. واحيانا يلتقي احد المباني على يمين الزقاق
بالمبنى المقابل على اليسار مكوناُ طاقاُ كاملاً... تنتشر في تلك الازقة سقايات
ماء السبيل المجانية ... والابنية بمختلف الطرازات التركية العثمانية والعربية
والاندلسية...
كانت (القصبة ) مسرحا لحوادث دموية يندى لها
جبين الانسانية اثناء حرب التحرير الجزائرية (1955 – 1962 ) حيث كان من الصعب على
الفرنسيين السيطرة على مقاومة الثوار المنتشرين في بيوتاتها وازقتها الضيقة ..
وانطلقت منها في البداية عمليات استهدفت الجيش والشرطة الفرنسية .. ولكن بعد قيام
ذوي الاقدام السوداء من المستوطنين بقتل الكثير من المدنيين الجزائريين العزل ..
فقد حصلت عمليات مواجهة ضد المستوطنين
الفرنسيين ( كانت تعليمات جبهة التحرير الجزائرية الواضحة ان يتم استهداف
المستوطنين من الرجال فقط ممن كانت اعمارهم بين العشرين والخمسين وعدم استهداف
الاطفال اوالنساء او الشيوخ).. وبالمقابل كان المستوطنين الفرنسيين (الاقدام
السوداء) يردون ببطش شديد وقسوة ووحشية على تلك العمليات ... فبعد مقتل كل ثلاثة
او اربعة من المستوطنين بانفجار قنبلة
زرعها الثوار في احدى البارات انطلق المستوطنين الى القصبة فيما كانوا
يسمونه ((صيد الجرذانRatoneri) حيث كانت تسمية السكان المسلمين الاصليين الرسمية هي (الجرذانRaton))
ويقومون وبلا تمييز بقتل ستين اوسبعين من الجزائريين نساءا كانوا او رجالاً او اطفالاً...
وكانت اكثر العمليات بشاعة عندما تم محاصرة احد المقاتلين الجزائريين في احد
البيوت القديمة في داخل القصبة من قبل
قوات البحرية الفرنسية .. وعندما لم يستجب للنداءات لتسليم نفسه فقد وضعوا عبوات
ناسفة في حيطان تلك الدار وقاموا بتفجيرها وتهدم الدار وتهدم معه العديد من الدور
المحيطة به على رؤؤس العوائل ليذهب ضحية تلك العملية العشرات من الاطفال والنساء دفناً
تحت الانقاض.. ولايزال لحد الان مكان عليه
يافطة نحاسية تؤرخ لتلك العملية في تلك الليلة المشؤؤومة.
حرب التحرير الجزائرية كانت حربا ضارية وتم
تقدير عدد الضحايا من الجزائريين الذين استشهدوا فيها بين (نصف مليون) الى (مليون
ونصف المليون) بحسب موقع الويكيبديا جميع اولئك الضحايا سقطوا على يد قوات النخبة الفرنسية والكثير ايضا على
يد المستوطنين المدنيين المسلحين (الاقدام السوداء)....
بعد جولتنا تلك توجهت بنا الحافلة الى احد
المطاعم الرائعة القريبة من نصب الجندى المجهول لتناول عشاء من الاسماك وثمار
البحر....
السبت 27 / 10 /2007
ابتدأ جدول الجلسات العلمية بموعده المحدد... كنت رئيسا لاحدى الجلسات... ثم قمت بتقديم محاضرتي (الاختلاطات القلبية عند مرضى التهاب المفاصل الرثوي )...
(الصورة: من اليمين حيدر العطية .. احد الاخوة المغاربة وانا ومصطفى العزي وخالد المنتصر من ليبيا والسيدة زوجته)
( الصورة: حيدر العطية ورئيسة المؤتمر عائشة العجوز ومصطفى العزي)...
بعد الجلسة الختامية للمؤتمر ظهرا وبعد
الغداء كانت الحافلات تنتظرنا لرحلة الى مدينة تيبازا واثارها الرومانية وهي تبعد ساعة واحدة غرب مدينة الجزائر على
البحر المتوسط... المدينة نفسها جميلة جدا وتعتبر احد الوجهات التي يقصدها السواح
للاستمتاع بشاطئها الرملي الجميل حيث يقطن المدينة حوالي ثلاثين الف نسمة ...
وهناك المدينة الاثرية الرومانية مع اطلال مسرح روماني حيث كانت من المدن المهمة
في البضعة قرون قبل التأريخ وامتد ذلك تقريبا الى القرن الرابع او الخامس بعد
الميلاد حيث هدمت المدينة من قبل قبائل البربر... اعاد الرومان بنائها ثم قام العرب بهدمها في القرن السابع ميلادي عند فتحهم
لشمال افريقيا....
مع الصديق مصطفى العزي على اطلال تيبازا
الرومانية ويبدو خلفنا جزء من شاطئ تيبازا الجديدة...
احد الشوارع في تيبازا الرومانية ...
اطلال المسرح الروماني ...
اقواس واطلال قصور رومانية ...
منظر خلفي للزميل منير وهو يطل على البحر من
مدينة تيبازا الرومانية ...
الاحد 28 / 10 /2007
بعد الفطور خرجت من الفندق مع الزملاء مصطفى
العزي وحيدر العطية ومنير العميدي في جولة اخيرة في (القصبة) مدينة الجزائر القديم
والتي تمتد من اعلى التلة التي يقع عليها فندقنا ثم نزولا الى اسفل التل الى حيث الجامع الجديد وجامع كتشاوة والميناء....
مررنا بالعديد من الازقة الضيقة والتي يسمونها (زنقة) كما
هناك ازقة اضيق منها يسمونها (دريبة) ... بيوت متلاصقة ومتقاربة ... سلالم حجرية
تنزل بنا من مستوى الى اخر... شجيرات متسلقة واخرى ممتدة بين البيت والبيت المقابل
مكونة سقفاٌ جميلا من النبات الاخضر.... سقايات ماء سبيل وتكيات متصوفين صغيرة جدا
بنيت على الطراز المغربي ... وبين الحين والاخر تستوقفك لوحة معلقة على الحائط
تذكرك بفترة دامية من تأريخ الجزائر هي فترة الثورة ضد الاحتلال بين عام 1956 وعام
1962..
من هذه المدينة القديمة انطلقت الشابة
الخجولة خريجة الجامعة (جميلة بوحيرد) لتقوم بزرع قنبلتين احداها في احد المقاهي
وادت الى مقتل احد عشر شخصاً والاخرى في مكتب الخطوط الجوية الفرنسية ... تم القبض على جميلة وتم تعذيبها اشد العذاب كما تم
تعذيب اخويها بل وتم تعذيب احد اخوانها امام امها ...ثم قدمت في محاكمة شهيرة عام
1957 .. وقف لها المحامي الفرنسي الشجاع (جاك فرجيس) وقفة مشرفة انتقد فيها
الاسلوب الوحشي الذي كانت الدولة الفرنسية تتعامل فيه مع الجزائريين المسلمين.. ورغم دفاعه المستميت الا انها حكم عليها بالاعدام بقطع رأسها بالمقصلة ..
ولكن حكم الاعدام لم ينفذ بسبب الضغوط الدولية .. حيث هب الرأي العام العالمي
بأسره مستنكراُ قرار الحكم .. والتي جاءت من مختلف دول العالم .. اطلق سراح (جميلة
بوحيرد) في عام 1962 وفور اطلاق سراحها تزوجت من محاميها الذي تعرض هو نفسه
للتنكيل ومحاولتين لقتله... (جاك فرجيس) الذي
تحول الى الدين الاسلامي واستبدل اسمه باسم (منصور)...رزقت جميلة منه بطفلين
(مريم و ليث) ...
لا ازال اذكر زيارة (جميلة بوحيرد) بعد اطلاق سراحها الى العراق عام ١٩٦٢ عندما
تعطلت المدارس... وهبت بغداد بأسرها لاستقبالها ..كنت انذاك في الصف السادس ابتدائي واحد الذين خرجوا لاستقبالها... وذهابها لزيارة مرقد الامام
الكاظم في بغداد واصطفت الحشود من عشرات الالوف من الناس للسلام على المناضلة
البطلة التي صارت رمزاً لصمود وبطولة كل النساء العربيات .... بعد الاستقلال صارت
رئيسة لاتحاد النساء ولكنها اختلفت مع سياسة احمد بن بيللا اول رئيس للجزائر
وغادرت الجزائر الى فرنسا لبعض الوقت ثم
عادت الى الجزائر ولا تزال تمارس نشاطات سياسية في الدفاع عن مختلف قضايا شعبها...
مازالت حسب علمي على قيد الحياة.
احدى ال(دريبات ) الضيقة في القصبة
دريبة اخرى متفرعة من (زنقة)... مع مصطفى
ومنير
سلالم تنقلك الى مستوى أخر من المدينة...
لاحظ المبنى ذو الطراز الاندلسي والسقاية الجميلة في وسط الصورة
اللوحة تقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم تخليد لارواح73 ضحية طاهرة والعشرات من الجرحى اثر انفجار قنبلة وضعها المتطرفون من الاقدام السوداء وذلك ليلة 14 / 15 جولية 1956 "حتى لاننسى""
بعض الازقة سقوفها من الاوراد والنباتات
الخضراء وشاي الكوجارات
شبكة سلالم تنقلك من القصبة الى الشارع
الرئسي قرب جامع كتشاوة مع مصطفى العزي وحيدر العطية..
سلالم اخرى من القصبة الى الشارع العام
اصر الاخوة حيدر العطية ومنير العميدي على
شراء بعض التمر الجزائري الطري واللذيذ ....
منظر فندق (الاوراسي) اعلى الجبل كما تراه من اسفل الوادي من احدى زوايا القصبة ... من هنا ودعت زملائي وتركتهم وركبت التاكسي عائدا الى الفندق حيث موعد طائرة عودتي الى مسقط....
ملحق:
معلومات لم اكن اعرفها سابقا عن مدينة
الجزائر العاصمة .... فهناك تأريخ شيق آخر لانعرف عنه كثيراُ... لمن يرغب بالاطلاع
عليه يمكنه ان يبحث في الكوكل ويضع البحث "
Barbary Corsair
" وسيصاب بالدهشة!!
فسواحل شمال افريقيا الغربية : الرباط
والجزائر وتونس وطرابلس كانت تعرف في العالم الغربي بأسم (القراصنة البربرBarbary Corsair)... كانت
تسكن تلك المدن قبائل غالبيتها من البربر .. وبعد دخولهم في الاسلام اتخذوا من
الغزو نوع من الجهاد المقدس ... صاروا يغيرون على السفن التجارية التي تبحر في
البحر المتوسط وذلك بكونه غزو مشروع ضد الكفار... ومن ثم امتد نفوذهم وغزوهم الى
السواحل الغربية الجنوبية من افريقيا على امتداد المحيط الاطلسي والى امريكا
الجنوبية ... والى شمال المحيط الاطلسي...حتى وصلوا الى ايسلندا وشنوا غزوات عليها!
ولم يكتف القراصنة البربر ومنهم القراصنة
الجزائريون بالاستحواذ على السفن التجارية المارة في البحار فقد اخذو بشن غزواتهم
على المدن الساحلية والقرى الساحلية في ايطاليا وفرنسا واسبانيا والبرتغال... ثم
وصلوا الى غزو الجزر البريطانية وهولندا
وصولا الى ايسلندا!!
وكان الغرض الاساسي من تلك الغزوات هو القبض
على العبيد المسيحيين لتلبية حاجة سوق العبيد في الدولة العثمانية وكذلك في
الاسواق العربية والشرق الاوسط وشمال افريقيا.. نشطت تلك الاعمال ابتداء من القرن
السادس عشر وتكونت ولايات تابعة للدولة العثمانية كما تكونت مدن تحت اسم ولايات
القراصنة البربر او البربر الكورسير...(لا ادري من اين اتى مصطلح الكورسير )...
هولاء القراصنة استولوا على الالوف من السفن وقاموا بغزو المدن الساحلية المرة تلو الاخرى ونتيجة لذلك
فقد نزح الكثير من سكان القرى والمدن الساحلية الاوربية تاركين مدنهم خاوية حتى
القرن التاسع عشر.. ومن القرن السادس عشر وحتى التاسع عشر تمكن القراصنة البربر من
اصطياد ما بين ثمانمائة الف الى مليون وربع المليون من الناس تم بيعهم كعبيد...
كان البعض من هؤلاء القراصنة من الاوربيين
الفارين من دولهم والذين تحولوا الى الديانة الاسلامية ومنهم اشتهر (جون واردJohn Ward)
و(زيمن دانسيكرZymen
Danseker) ... (جون وارد) هذا ابتدأ حياته كقرصان رسمي بريطاني ويحمل
رخصة من ملكة بريطانيا لشن غارات على
السفن الاسبانية والاستحواذ على محتوياتها ودفع نسبة منها للتاج البريطاني .. حيث كان هناك عداء مستحكم بين الانكليز والاسبان ومنافسة شديدة على خيرات العالم الجديد ...
وبعد موت الملكة (اليزابيث الاولى). ومجئ خليفة لها تم عقد الصلح مع اسبانيا والاستغناء عن خدمات هذا
القرصان وصار يعتبر مطلوباً للعدالة!...
فر الى تونس حيث استقر في حماية الوالي التونسي وتحول الى الديانة الاسلامية وصار
اسمه (الريس يوسف) واخذ يقود اسطولا من السفن المجهزة باحدث التجهيزات ومنها سفينته
الرئيسية ذات الستين مدفعاً.. صار هذا الشخص اسطورة يتغنى بها الانكليز والاوربيين... ويعتقد ان اسطورته قد اقتبست بتصرف فهونفس
شخصية الكابتن (سبارو) في سلسلة افلام (قراصنة الكاريبي) (انظر جون وارد في ويكيبديا)..
اما الثاني (زيمن دانسيكر) فهو اصلا من
هولندا اشترك في حرب الثمانين عام ثم
انتقل الى مرسيليا حيث تزوج ابنة احد النبلاء وبعدها انظم الى بلاط والي الجزائر
كقائد للسفن للقيام بالغارات على الاسبان
واستطاع خلال بضع سنوات من اصطياد العشرات من السفن وجلب الاموال والغنائم التي
لاتحصى... بقي في خدمة حاكم الجزائر وصار اسمه (الريس سيمون) واستمر بالقرصنة اكثر من خمسة عشر عاما ... قاد السفن
الجزائرية لاول مرة خارج مضيق جبل طارق
الى شمال المحيط الاطلسي وقام بعدة غارات على سواحل ايسلندا...
فيما بعد حصل على عفو من ملك فرنسا وعاد الى
مرسيليا للالتحاق بزوجته واطفاله .. وكهدية لملك فرنسا جلب الكثير من الاموال كما
سلمهم اشخاص اتراك قاموا باعدامهم
فوراُ.... وبعد فترة من الاستقرار مع عائلته
تم تسخيره فيما بعد للتحرش بالاسطول الجزائري.. وتم اعتقاله بكمين وضعه له صديقه القديم الريس يوسف...
وانهت حياته بقطع عنقه ...( انظر زيمن دانسيكر في الويكيبديا) ...
تمكن القراصنة البربر من الاستفادة من
القراصنة الاوربيين الذين علموهم الطرق الملاحية الحديثة وصناعة السفن الحديثة
مما مكنهم من بسط نفوذهم الى عموم المحيط الاطلسي.. ووصلت قمة تأثيرهم
عالميا لغاية منتصف القرن السابع عشر... ولكن بنهاية القرن السابع عشر اخذ نجمهم
بالافول وذلك بالتقدم الاكبر الذي حصل بالاساطيل الاوربية وبسفنها المقاتلة...
ولكن بقيت السواحل المسيحية مهجورة وبلا حماية لغاية القرن التاسع عشر.. وبعد حروب
نابليون و مؤتمر فينا في 1814 اتفقت القوى الاوربية على الحاجة الى قمع قرصنة
البربر تماما و تمكنوا فعلا من الحد من تأثيرهم الى درجة كبيرة ولكن بقيت هناك بضع
حوادث مثلما حصل عندما شنت الولايات المتحدة الامريكية حربين ضدهم وضد
مدن البربر ومنها الجزائر... وانتهى الامر تماما بعد احتلال الجزائر من قبل فرنسا
في عام 1930 .
تعقيب اخر
الرسائل والايميلات التي وصلتني بعد نشر المقال:
من الاخ حسان عاكف على الفيس بوك
تعقيب اخر
الرسائل والايميلات التي وصلتني بعد نشر المقال:
من الاخ حسان عاكف على الفيس بوك
Abbas Jasim
See Translation
كل عام وانته بخير استاذ سامي وممنون منكم لهذه المعلومات..كنت اعتقد ان القراصنه بس حراميه طلعوا قسم مجاهديين ! وسياسيين..وجيوش واساطيل.. تحيه لك معلومات تاريخيه مو بس للجزائر بل لتاريخ ارووبا واسيا وافريقيا...تحيه ل جميله بو حييرد..من نسوان كبل..وتحيه ل رابح درياسه..وتحيه لجيل المعلمين والمدرسيين العراقيين الذين ساهموا في تعليم الجزائريين بعد الاستقلال..وكل عام وانتم بخير
| ||||||||||
سرد جميل يرقى إلى أدب الرحلات أحسنت أخي العزيز د. سامي فقد شدني وقرأته بالتمام لأني زرت الجزائر في أيلول عام ١٩٨٩ لحضور مؤتمر جراحي العظام في دول البحر الأبيض المتوسط في مدينة عنابه الجزائريه الجميله وقد قضيت إسبوع في الجزائر العاصمة في نفس الفندق الجميل المبني على مرتفع يطل على البحر والميناء من جانب وعلى المدينة من جانب إخر والذي كان أحسن فندق في المدينة في ذلك الوقت وشدني أكثر الأماكن التي ذكرتها والتي زرت معظمها فأعدت لي الذكريات الجميلة . شكراً لك وألف شكر
|